مرض الإسهال الأبيض أو البللورم
مرض الإسهال الأبيض في الدواجن
يسمى المرض أيضا بمرض البللورم و ذلك عائد لاسم البكتريا التي تسبب المرض (Salmonella pullorum). و مرض الإسهال الأبيض مرض بكتيري (جرثومي) شديد الفتك بالطيور الحديثة الفقس. و هو من الأمراض الخطيرة جدا في مجال تربية الدواجن و قد يسبب خسائر اقتصادية كبيرة جدا تنعكس على المربي في حال شراء صيصان مصابة بالمرض كما تنعكس على قطاع الدواجن بشكل عام نتيجة لانتشار الجراثيم على نطاق أوسع مما هو عليه في مزارع الأمهات المصابة أو الحاملة للإصابة.
يشاهد المرض بشكل أساسي في فراخ الدجاج غير انه من الممكن أن يشاهد هذا المرض في أنواع أخرى من الطيور مثل الرومي و دجاج غينيا و العصافير و الحمام و النعام و الطاووس وغيرها.
يشبه مرض الإسهال الأبيض أو مرض البللورم في العديد من ملامحه الوبائية و الأعراض الحقلية و الآفات مرض التيفية الطيرية (Fowl Typhoid) و الذي يسببه جراثيم السالمونيلا غاليناروم (S. gallinarum) على الرغم من أن مرض البللورم يعد من أمراض الصيصان خلال الأسبوعين أو الثلاثة الأولى من العمر مؤديا إلى نسبة نفوق قد تصل إلى 100 % إلا انه قد يصيب الأعمار المتقدمة أحيانا. و على العكس قد يسبب مرض التيفية الطيرية نسبة نفوق عالية في الصيصان على الرغم من أنه يعد من أمراض الطيور الفتية و البالغة.
العامل المسبب للمرض
ينتج مرض الإسهال الأبيض عن الإصابة بجراثيم السالمونيلا بللورم و هي من الأحياء الدقيقة المقاومة للظروف و العوامل الخارجية و بشكل خاص في حال وجودها ضمن مواد عضوية كبقايا الطيور و الطيور النافقة و غيرها. و بالتالي يمكن لهذه البكتريا أن تحتفظ بمقدرتها على الانتقال إلى الطيور السليمة و إحداث العدوى لفترات طويلة و بشكل خاص في حال وجودها ضمن الفرشة الرطبة أو في مواد عضوية أخرى.
يتواجد الميكروب في الطيور البالغة الحاملة للإصابة ضمن المبيض و قناه البيض.
و يحتاج إتلاف الجراثيم إلى التعرض لدرجات حرارة عالية و لفتره طويلة و يمكن الوصول لذلك من خلال التخلص السليم من الطيور المصابة و النافقة و مخلفاتها بالإضافة إلى المعاملة الصارمة للمزارع و أدوات و غرف التفريخ في حال تلوثها.
يمكن القضاء على هذه البكتريا في بيض التفريخ من خلال تبخير البيض المخصص للتفريخ في المفرخ بالفورمالدهيد و يفضل إجراء التبخير ضمن المزرعة بعد جمع البيض مباشرة (بحسب بعض الأبحاث الحديثة).
طرق انتقال الجراثيم
ينتقل المرض بشكل أساسي بشكل عمودي من الأمهات الحاملة للجراثيم إلى البيض و من ثم إلى الطيور الفاقسة عنها كما قد يتلوث المفرخ بهذه الجراثيم مما يسبب تلوث مستمر للطيور الحديثة الفقس بهذه الجراثيم.
و من الممكن أن تنتقل العدوى أفقيا من خلال المواد الملوثة إلى الطيور السليمة. و تكون إصابة الطيور حديثة الفقس واضحة من خلال الأعراض التي تترافق مع الإصابة في حين أن الطيور البالغة قد تكون حاملة للبكتريا بدون أي أعراض تذكر. كما ينتقل المرض بين الطيور البالغة في أثناء عملية التلقيح بين الطيور المصابة و الطيور السليمة. و من الممكن أن يحدث نقل للإصابة في أثناء عمليات قص المنقار نتيجة للتلوث ببعض قطرات الدم من الطيور المصابة.
و يجب الانتباه إلى إمكانية نقل الإصابة للطيور الحديثة الفقس من خلال أدوات المفرخ الملوثة بالبكتريا أو من خلال أيدي العمل أو أثناء عمليات التجنيس حيث تنتقل من الصيصان المصابة إلى أيدي العمال أو الصناديق لتنتقل بعدها إلى الصيصان السليمة (انتقال أفقي ميكانيكي).
الصورة: طائر حديث الفقس مصاب بالإسهال الأبيض حيث يلاحظ تلوث مؤخرة الطائر بزرق سائل لزج القوام و متلون بلون ابيض.
هذا و قد تلعب بعض الطيور البرية أو الحيوانات و القوارض أيضا بدور في نقل العامل المسبب إلى داخل المزارع السليمة و الخالية أصلا من الإصابة.
من جهة أخرى قد يحدث انتقال المرض من مزرعة أو حظيرة لأخرى من خلال المواد أو المعدات الملوثة أو من خلال العمال أو الأدوات و الألبسة.
و من الممكن أن تحدث الإصابة عند تقديم أعلاف أو مياه ملوثة بالعامل الممرض. كما يجب الإشارة إلى أن استخدام أطباق البيض من مزارع أخرى (أطباق البيض المستعملة) قد يلعب دور هام في نقل العدوى إلى المزارع الخالية من الإصابة.
الصورة: طائر مصاب بمرض الإسهال الأبيض, يلاحظ تراكم مواد لزجة على مؤخرة الطائر و تتلون هذه المواد بلون ابيض نتيجة لارتفاع محتويات الزرق من اليوريا البيضاء.
تلعب الفقاسات دور كبير في نشر الإصابة إلى الصيصان الفاقسة حديثا و ذلك في حال انعدام إجراءات التعقيم و التنظيف الصارمة داخل غرف التفريخ. كما أن تفريخ بيض مصاب أو حاوي على البكتريا قد يسهم رغم إجراءات التعقيم السابقة في نشر الإصابة إلى الصيصان أو البيوض في نفس دفعة التفريخ و ذلك بمساعدة الهواء المستخدم في غرف التفريخ الذي يسهم بنشر البكتريا لنطاق أوسع ضمن المفرخة.
و يجب الإشارة هنا إلى أن درجات الحرارة و الرطوبة في غرف التفريخ تشكل الوسط المناسب لنمو و تكاثر الأحياء الدقيقة و خصوصا البكتيريا التي تستفيد أيضا من وجود المواد العضوية البروتينية كوسط للنمو و التكاثر و بالتالي الانتشار إلى بيوض أو صيصان أخرى غير مصابة.
أعراض الإصابة بمرض الإسهال الأبيض
ان مرض الإسهال الأبيض هو مرض الصيصان حديثة الفقس (بشكل عام) حيث تظهر الأعراض بشكل جلي و واضح على الطيور الحديثة الفقس خلال الأسابيع الأولى من العمر (بعد الفقس مباشرة) و بشكل خاص تظهر خلال الأسبوع الأول في حال كانت الإصابة ناتجة عن انتقال الجراثيم من الأمهات المصابة و بالمقابل قد تتأخر الأعراض بالظهور للأسابيع التالية في حال حدثت العدوى بعد الفقس. كما يمكن للطيور البالغة أن تصاب بالمرض و بدون ظهور أي أعراض ظاهرية للإصابة.
مع العلم أن فترة الحضانة تتراوح بين 3 – 5 أيام (الفترة بين حدوث العدوى و ظهور الأعراض). يجب الإشارة إلى أن الإصابة فوق الحادة قد تؤدي إلى نفوق الطيور بدون ظهور أي أعراض أو تغيرات عيانية.
يمكن أن نميز بن الإصابة في الطيور الحديثة الفقس و الإصابة في الطيور البالغة.
أولا. الأعراض في حال إصابة الفراخ حديثة الفقس
اذا كانت العدوى عن طريق الأمهات أو المفرخ فتلاحظ الأعراض و النفوق في وقت مبكر و خلال الأيام الأولى من عمر الطيور (3 – 7 أيام) أما اذا حدثت العدوى بعد ذلك (بعد الفقس)
الصورة: مجموعة من الطيور الحديثة الفقس مصابة بمرض الإسهال الأبيض. يلاحظ على الطيور مجموعة من الأعراض منها:
- الخمول.
- انتفاش الريش.
- تهدل الأجنحة.
- عدم القدرة على الوقوف بشكل سليم و الاستلقاء على الأرض.
- تراكم و تجمع الإسهال على فتحة المجمع.
فتلاحظ الوفيات و الأعراض بشكل متأخر و ذلك بالاعتماد على وقت حدوث العدوى و غالبا تظهر في الأسبوع الثاني من العمر (عمر 7 – 14 أيام).
يلاحظ على الطيور المصابة مجموعة من الأعراض العامة التي يمكن ملاحظتها في معظم الأمراض بالإضافة إلى الأعراض الخاصة بمرض الإسهال الأبيض حيث تكون الأعراض كالتالي:
- تبدأ الأعراض المرئية بتوقف الطيور عن تناول الطعام.
- التجمع بالقرب من مصادر الحرارة.
- تكون الطيور المصابة خاملة.
- تدلي الأجنحة و انتفاش الريش.
- صعوبة و قلة الحركة.
الصورة: مفصل العرقوب لطائر مصاب بالسالمونيلا بللورم حيث يلاحظ تضخم المفصل.
- تضخم المفاصل و عرج بالحالات المتقدمة.
- كما تلاحظ بعض الأعراض التنفسية مثل صعوبة تنفس.
- تكون أصوات السقسقة مميزة و مختلفة عن الصوت الطبيعي المعروف.
- يلاحظ وجود إسهال مائل للون الأخضر مع وجود مواد بيضاء عليه (نتيجة لوجود مادة اليوريا البيضاء فيه) و يلاحظ التصاق هذا الإسهال مع مواد لزجة على فتحة المجمع في الطيور المريضة.
- يحدث بعد ذلك حالة تشنج للطائر المصاب و ينفق.
هذا و تختلف نسبة النفوق في القطيع المصاب تبعا لمجموعة كبيرة من العوامل و بشكل عام تتراوح نسب الإصابة في القطيع المصاب بالإسهال الأبيض بين 10 – 80 % أما نسب النفوق فتختلف كثيرا و لكنها قد تصل بالحالات الشديدة إلى 100% من الطيور المصابة طبعا.
الصورة: فراخ حديثة الفقس مصابة بالإسهال الأبيض و يلاحظ عليها الخمول وانتفاش الريش و تهدل الأجنحة بالإضافة إلى إسهال مخضر تبدو علاماته ملتصقة على فتحة المجمع.
ثانيا. الأعراض في الدجاج البالغ
في الواقع لا توجد أعراض ظاهرية واضحة في حال إصابة الدجاج البالغ. فقد تظهر الأعراض على شكل بهتان في الوجه و خصوصا في العرف و الداليات مع انخفاض في إنتاج البيض و انخفاض في نسب الخصوبة و الفقس كما قد يظهر انخفاض باستهلاك العلف و إسهال مع ارتفاع بدرجات الحرارة.
و في بعض الأحيان قد لا يظهر على الدجاج البالغ المصاب أي أعراض تذكر.
الأعراض التشريحية للإصابة
أولا. الأعراض التشريحية في الفراخ حديثة الفقس
- تضخم و احتقان الطحال و الكبد و الكلى و أحيانا نزف حبري أو بؤر نخريه بيضاء في الكبد.
- وجود عقيدات رمادية في الرئتين و الكبد و جدار القانصة و القلب.
- التهاب الأمعاء أو الأعورين.
- وجود بلورات من اليورات في الحالبين.
- وجود لب أو نوى في الأعورين.
- قد لا يمتص كيس المح و تصبح محتوياته ذات قوام تجبني. تتواجد مثل هذه المواد على شكل لب من مواد متجبنة بيضاء مختلطة بالدم في الأعورين.
- تضخم المفاصل و خاصة مفصل العرقوب و يحتوي المفصل على سائل اصفر التهابي لزج.
ثانيا. الأعراض التشريحية في الدجاج البالغ
- اضمحلال المبيض و احتقان البويضات.
- تشوه بشكل البويضات.
- وجود حويصلات مشوهه و ضامرة و منفجرة.
- التهابات معوية و التهابات في الأحشاء.
- يحدث في الذكور خراج في احد الخصيتين أو في كلاهما و في بعض الأحيان يحدث ضمور في الخصيتين.
التشخيص و التشخيص التفريقي
بشكل أولي يمكن الاعتماد على المعطيات الحقلية لتشخيص الإصابة بالإسهال الأبيض و ذلك من خلال مراجعة تاريخ الإصابة و عمر الطيور المصابة و الأعراض الظاهرية و التشريحية و من الممكن الاستفادة من سجلات الشركة الموردة للقطيع من خلال التعرف إلى الأشخاص الذين يربون قطيع بعمر مماثل لقطيعك من نفس الشركة الموردة فغالبا ما تظهر الإصابة في جميع أو معظم الدفعات الناتجة عن نفس المفرخ و ذلك في حال كانت الإصابة محمولة من حظائر الأمهات أو من المفرخ المستخدم لتفريخ البيض.
أما التشخيص التأكيدي للمرض فيحتاج إلى فحص مخبري يعتمد على عزل العامل المسبب على أوساط مزرعية عامة أو مميزة أو اختيارية لجراثيم السالمونيلا و حاليا يتم الاعتماد على إجراء الاختبارات البيولوجية للكشف عن المادة الوراثية الجرثومية في العينات المرضية.
أما بالنسبة للتشخيص التفريقي فيجب تفريق مرض الإسهال الأبيض عن مجموعة من الأمراض التي قد تعطي أعراض مشابه للمرض و منها:
- التيفويد.
- البارا تيفويد.
- التهاب السرة و كيس المح.
- الإصابة بأحد الجراثيم المعوية (الايكولاي مثلا).
- الإصابة بفطور الأسبرجيلوس التي قد تسبب ظهور عقد مشابه.
- أمراض أخرى كتلك المسببة للإسهال.
الصورة: مبيض لطائر دجاج بالغ حيث يلاحظ التهاب في المبيض نتيجة الإصابة بالسالمونيلا بللورم. يلاحظ تشوه جريبات البيض بشكل واضح فبعضها متنكس و بعضها ملتصق بجسم المبيض بالإضافة إلى تغير اللون و سماكة القوام.
الوقاية من الإسهال الأبيض و طرق العلاج
تعتمد الوقاية من الإسهال الأبيض على مجموعة كبيرة من التوصيات و الإجراءات و التي تتناول مجالات التربية المختلفة بدءا من حظائر الأمهات و مرورا بجمع البيض و نقلة إلى المفقس و انتهاء بغرف التفريخ و طريقة التعامل مع البيض و المفرخ و طرق التنظيف و التطهير :
أولا. حظائر التربية
- عدم تربية أنواع مختلفة من الطيور في نفس الحظيرة.
- عدم تربية الطيور بأعمار مختلفة بنفس الحظيرة.
- العمل على التخلص من المرض في قطعان الأمهات.
- استخدام ناقلات بيض جديدة و عدم استخدام أطباق البيض المستعملة أو المنقولة من مزارع أخرى.
- تطبيق إجراءات الأمن الحيوي كما يجب بدء من اليوم الأول و حتى التخلص من القطيع.
- اتباع نظام تربية الكل و ذبح الكل.
- إجراءات فحوص مخبرية دورية للأمهات لتأكد خلوها من الإصابة.
- جمع البيض بشكل دوري و تبخير البيض الناتج يوميا.
- استخدام عدد كاف من البياضات و فرشها بفرشة جافة و نظيفة و تبديلها عند تلوثها باستمرار.
ثانيا. البيض و التفريخ
- العمل على تفريخ البيض ذو القشرة النظيفة و الخالية من الاتساخات العضوية.
- عدم استخدام معدات منقولة من حظائر مختلفة بنفس الوقت.
- عدم تفريخ دفعات مختلفة من حظائر مختلفة.
- استخدام معدات نظيفة و معقمة بعمليات جمع و توزيع البيض و نقله.
- المحافظة على إجراءات الأمن الحيوي في ذروتها في كل دورة تفريخ.
- عدم تفريخ البيض إلا بعد التأكد من خلوه بشكل كامل من الإصابة البكتيرية.
أما بالنسبة للمعالجة فيمكن أن نستخدم أنواع مختلفة من المضادات الحيوية في معالجة الإصابة و منها الأموكسيسللين, التتراسيكلين, الفلوركينولون, مركبات السلفا, الكلورامفينيكول, الأنرو, بالإضافة إلى مركبات أخرى. لكن يجب الانتباه إلى أن إجراء اختبار الحساسية الجرثومية يعتبر العامل الحاسم في اختيار افضل المضادات الحيوية للمعالجة.
و يجب الإشارة إلى أن الطيور قد تبقى حاملة للإصابة رغم المعالجة بدون ظهور أعراض مرضية ظاهرية عليها.
————————————————————
المراجع و المصادر:
1- الأمراض البكتيرية التي تصيب الدواجن (10), أمراض الدواجن الجرثومية, موقع الدواجن.
2- الإصابة بالسالمونيلا عند الدواجن (21), أمراض الدواجن الجرثومية, موقع الدواجن.
3- Poultry Health and Diseases, Paul McMullin, 2004.
4- Diseases of Poultry, Y.M.Saif, 2003.